لماذا لم يخطر على ابن خلدون أن هناك استثناء اسمه “ابن جرير”
عرف العلامة ابن خلدون أنه من المؤسسين الاوائل لعلم الاجتماع حيث تطرق في مقدمته الشهيرة لوصف دقيق لحال البدو و الحضر في كل مجالات حياتهم انطلاقا من الطبع والسجية والخلق الى وصف شكل العيش و طبيعته .
ولعل الدارس بامعان لما تطرق اليه هذا العالم الجليل يختلط عليه الامر الى درجة يصعب عليه مقارنة ما جاء به كتابه في حال مدينة ابن جرير , ان فعلا استحقت هذا اللقب الذي يبدو بعيدا في حقها حيث وحسب ابن خلدون فالترف في العيش و سعة الرزق و الازدهار من صفات أهل المدن وهوما لا ينطق بأي حال من الاحوال على مدينة تملك من خزائن الارض ما يجعلها في مصاف المدن المغربية المزدهرة ولكن الحال عند أهلها بطالة و كساد و جوع , ومن لم يصدق كلامي فليحضر ولو مرة واحدة لمشهد توزيع اكياس الدقيق المدعم حيث تجد ألوانا و اشكالا من العربات المجرورة بالحمير اعزكم الله متراصة في انتظار ان يجود الجواد بكيس من الطحين ونساء وقفن طول اليوم انتظارا يعتصر الفؤاذ لرؤية حالهن الذي يذكرنا برواية “البؤساء ” .
وجاء في كتابه أن طباع أهل البدو كرم و حسن خلق و شجاعة يندر أن تجد نظيرها عند الحضر و أهل الامصار وهو ما بدأت مدينتي تفقده عما كان الحال عليه في السابق فبكثرة العمران تغير الحال الى الاسوء و غدت ابن جرير تكاد توافق وصف ابن خلدون لأهل الحضر في فساد طبائعهم و طبيعتهم بسبب المال والاقبال على الملذات كما جاء في وصفه.
ومن هنا نقف على الحقيقة الواضحة أن حال ابن جرير يعد “استثناءا” فلا هي ازدهرت و قدمت لأهلها الترف المعروف عن أهل المدن و لا تركت أهلها ينعمون بروح البدو الخالصة والمخلصة كما كان عليه الحال قبل عقود .
تواصل معنا